اجمل مراسلات الحب العذري بين بشر العابد وهند بنت فهد

[center]أرسلت هند بنت فهد إلى بشر العابد تقول :

أهواكَ يا بشر دونَ الناسِ كلهم وغيرك يهواني فيمنعه صدّي
تمرّ ببابي لستَ تعرف ما الذي أكابدُ من شوقي إليكَ ومن بُعدي
وإنك إن قصرت عني ولم تزرِ فلا بدّ بعد الصدّ أدفنُ في لَحدي

قرأ بشر رسالة هند بنت فهد فردّ عليها :

أما تذكري يوم الحسابِ وهوله وما للفتى مالٌ ولا شيء يُفتدى
وإن تطلبي قربي فبعدي أجودُ فخافي عقاب الله والتمِسي الهُدى

هنــد :
أما تخشى يا بشر الإله فإنني لفي حسرةٍ من لوعتي وتسهّدي

بِشـر :
أيا هند هذا لا يليق بمسلمٍ ومسلمة في عصمة الزوج فابعدي
بهذا نهى دين النبي محمد فتوبي إلى مولاكِ يا هند ترشدي
وأخاف أن يهواكِ قلبي في الهوى فأكون قد خالفتُ دين محمد
فالصبر خيرُ وسيلة لتشفي وإلى الإله فسارعي وتعبّدي

هنـد :
أيا بشر ما أقسى فؤادكَ في الهوى ما هكذا الحب في مذهب الإسلام
أني بليتُ وقد تجافاني الصفا فارحم خضوعي ثم زد سلام
ضاقت قراطيس التراسل بيننا جفّ المِداد وحِيفت الأقلام

بِشـر :
لا والذي رفع السماء بأمره ودحى باسط الأرض باستحكام
وهو الذي بعث النبي محمداً بشريعة الإيمان والإسلام
لم أعصِ ربي في هواكِ وإنني لمطهّر من سائر الآثام

هنـد :
أدعوكَ ربي كما صبرتني شجناً أن يبتليك بهول من لا يوافيك
وتشتكي محنة في الحب نازلة وتطلب الماء من ليس يسقيك
بلاكَ ربي بأمراض مسلسلة وبامتناع طبيب لا يداويك

بِشـر :
يا خالق الخلق إني لستُ أعصيكَ أباتُ أرعى نجوم الليل أدعوك
فارحم خضوع ذليل بات مبتهلا ولا تخيب رجا من بات يدعوك

يئست هند من حبها لبشر، فأصابها الكمد والمرض، واحتار بها زوجها فأخبرته أن سبب مرضها هو حبها لبشر العابد، فطلقها زوجها وأرسلها إلى أهلها وقاطعت بشراً، فعلم بشر بذلك، فرقّ قلبه لصدق حبها، وأرسل إليها يقول :

أرى القلب بعد الصبر أضحى مضيعا وأبقيت مالي في هواكِ مضيعا
فلا تبخلي يا هند بالوصل وارحمي أسير هوى بالحب صار مضيعا

هنـد :
أتطلب يا غدار وصلي بعدما أسأتَ ووصلي منك أضحى مضيعا
ولما رجوتُ الوصل منك قطعته وأسقيتني كأسا من الحزن مترعا

بشـر :
سلام الله من بعد البعاد على الشمس المنيرة في البلاد
سلام الله يا هند عليكِ ورحمته إلى يوم التنادي
وحق الله لا ينساكِ قلبي إلى يوم القيامة يا مرادي

هنـد :
سلام الله من شمس البلاد على الصب الموسّد في المهاد
فإن ترجُ الوصال وتشتهيه فأنت من الوصال على بعاد

بشـر :
كتبتُ إليكِ لما ضاق صدري وأسكنني التجلّد والعياء
فرقّي يا مليحة وارحمي فقد كَثُر التندّم والبكاء
وصلي الله ربي كل وقت على طـه خاتم الأنبياء
هنـد :
كتبتَ إليّ تشكو ما تلاقي من الأسقام إذا نزل القضاء
فمن هند الصدود مع التجافي ومن بِشر التضرّع والبكاءُ
فعِش حباً ومت كمداً حزيناً فواحدةُ بواحدةٍ جزاءُ
بشـر :
أيا هند إن مرّت عليكِ جنازتي فنوحي بحزن ثم في النوح رنّمي
وقولي رعاك الله يا ميت الهوى وأسكنكَ الفردوس إن كنت مسلم

ثم التقط أنفاسه الأخيرة وفارق الحياة، فأنشدت هند تقول:

أيا عين نوحي على بشر بتغريد ألا ترويه من دمعي بتقدير
يا عين ابكي من بعد الدموع دَماً لأنه كان في الطاعاتِ محبور
لِفقدِ بشر بكيتُ اليوم من كمدٍ لا خيرَ في عيشة تأتي بتكدير
ألقاكِ ربكَ في الجناتِ في غرفٍ تلقى النعيم بها بالخير موفور


ثم ماتت من حالها على موته ... ودفنا في قبر واحد